عطلة الويكاند.. منذ متى ولماذا؟
نستيقظ كل صباح، نركض نحو العمل أو الدراسة. نستنزف الوقت ويستنزفنا. لنجد أنفسنا في حلقة مفرغة لسبعة أيام. لا نخرج منها إلا ليومين في الأسبوع في أفضل الحالات..
هما سبت وأحد، وأحياناً أخرى جمعة وخميس. تسترخي فيه أبداننا، وترتاح فيه أذهاننا لتضع عنها عبءً ستحمله بعد ثمان وأربعين ساعة.
لكن، ما القصة الويكاند هذا؟ ولماذا هما سبت وأحد ؟ ولماذا هما يومين فقط من أسبوع أيامه سبعة ؟ ولماذا أيام الأسبوع سبعة أصلاً؟
بداية، نفهم أن عدد أيام السنة 365، تبعاً لنظام رياضي محدَّد يدرس حركة دوران الشمس. نفهم أيضاً لذات السبب لماذا عدد ساعات اليوم 24، ولماذا كل ساعة من ستين دقيقة، ولماذا الدقيقة من ستين ثانية.. كل ذلك قد نجيب عنه بعملية حسابية بسيطة.
لكن، لماذا أيام الأسبوع سبعة تحديداً. الجواب على هذا السؤال يضعنا أمام فرضيات لا حصر لها...
فربما تكون بابل صاحبة السبق في ذلك، فالبابليون قدَّسوا الرقم 7 لعدّة اعتبارات. لعَّل أبرزها اعتقادهم أن النظام الشمسي مكوَّن من سبع طبقات، تحوي كلٌّ طبقة منهم كوكباً من الكواكب السبع التي اعتقدوا بوجودها.
وتشير كتب التاريخ إلى أن البابليين كانوا أول من قسَّم الشهر إلى أربعة أسابيع. يتكون كل واحد منهم من سبعة أيام. أقاموا طقوسهم الدينية بناءً عليها. وأسموها بأسماء تلك الكواكب السبع من ضمنها الشمس والقمر.
هذا المفهوم الذي انتقل لاحقاً لمنطقة الشرق الأوسط ومن ثم إلى أوروبا والعالم...
تبنَّت الشعوب هذا التقسيم الأسبوعي، لكنًّها اختلفت في تحديد بدايته. ليحددها كل شعب بناءً على ثقافتهم وثراثهم الديني. حيث اتخذ المسيحيين من الأحد بداية لأسبوعهم، بينما اختار اليهود السبت، والمسلمون الجمعة.
لكن، متى بدأ الإحتفال بنهاية الأسبوع عمليّاُ؟ ومتى بدأ انتظار الويكاند ؟
كما أشرنا سابقاً، فالجانب الديني والروحي كان عاملاً من العوامل التي حددت أيام الأسبوع وبدايته لدى الشعوب السابقة. لكن الدين لم يكن العامل الوحيد في تحديد عطلة نهاية الأسبوع.
حيث يعتبر مؤرخون أن الشرارة الأولى انبثقت عن تقليد "الإثنين المقدَّس" الذي كان معروفاَ خلال القرن 17 بين العمال البريطانين. هذا التقليد الذي لم يكن مرتبطاً بالجانب الديني بالأساس. فبعد تفرُّغ العمال البريطانين - الذين كانوا يدينون بالمسيحية- من طقوسهم الدينية يوم الأحد. كانوا يحتاجون ليوم ترفيه ورفاهية بعد العمل والعبادة، يصرفون فيه بعضاً من الأموال التي حصَّلوها من أعمالهم لقضاء وقت أطول مع العائلة وممارسة الأنشطة الترفيهية.
استمر هذا التقليد لوقت طويل حتى منتصف القرن التاسع عشر. لكنه ونتيجة التحولات الاقتصادية اقتصر فقط على الطبقة الميسورة فقط من العمال.
التغيُّر الجوهري حدث في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1809. حيث سُمح للعمال بعطلة خلال يومي السبت والأحد حتى يتمكن العمال اليهود والمسيحيون من ممارسة طقوسهم الدينية ومن هنا بدأت فكرة عطلة نهاية الأسبوع.
لكن عملياً لم تكن الصورة بالشكل الذي نراه اليوم إلا بعد مطالبات مستمرة من الهيئات الدينية والنقابات العمالية لتقنين عطلة رسمية للعمال.
لتتنبه الشركات الرأسمالية بعد ذلك إلى أن مردودية العمال تكون أعلى بعد حصول على عطلة خلال الأسبوع بعد إجراءها لدراسات أكدت لها الإنتاجية والانتظام المتوقع في أداء العمال.
ختاماً، لم يعد اعتماد عطلة نهاية بالأمر البديهي أو الهيِّن، فقد كافح عمَّال القرن 19 طويلاُ من أجل ضمان بعضٍ من الراحة. لكن نضال الشغيلة لازال مستمراً أملاً في إسقاط يوم آخر من أيام العمل طمعاً في مزيد من الراحة مغلفة بثوب زيادة الإنتاجية....
Comments