شهر رمضان، شهر الصيام و لنا في الصيام طهر لقلوبنا و صفاء لأرواحنا من أعباء الحياة النفسية التي تثقلها. إن صيام رمضان عبادة تقربنا من خالقنا أكثر، توطد علاقتنا مع أقربائنا أكثر و تحثنا على العودة إلى أنفسنا أكثر في زمن مليء بالملهيات ، إنه جامعة روحية تزرع الطمأنينة و السكينة في نفوس الصائمين.
إن للصيام و خاصة صيام رمضان، آثار طيبة على كل من البدن و النفس. فأين تتجلى هذه الآثار؟
الصيام نشاط يهذب، يروض و يهدئ النفس؛ فالطابع الروحاني لشهر رمضان المبارك يهذب و يهدئ النفس، يعزلها لفترة شهر كامل بعيدا عن المشاغل و الضوضاء التي تشغل بالنا في الأيام العادية، حيث يزداد الحرص على الصلاة، القيام، الدعاء و قراءة القرآن، فهم عادات يومية تمارس بانتظام و حزم خلال هذا الشهر، الأمر الذي يجعلها تشغل حيزا كبيرا من اليوم فيقل التفكير في الأمور الأخرى التي تجعلنا نعيش تحت الضغط و الصخب الفكري و بالتالي يسود نوع من الهدوء و السكينة، فتهدأ النفوس وتصبح أكثر اطمئنانا .
وقد أكدت بعض الدراسات العلمية أن الصيام يخفف من حدة أعراض الغضب والقلق والأرق التي قد تظهر على بعض الصائمين. كما بينت أن أداء العبادات وقيام الليل خلال هذا الشهر الكريم يعزز و يقوي شعور الصائمين براحة البال و الطمأنينة ويحسن الحالة المزاجية بشكل عام، وذلك لأن الصيام يقوي مناعة الصائمين ضد الضغوط النفسية نتيجة مشاق الحياة أعبائها. و قد بينت عدة دراسات طبية ونفسية أثر الصيام في العلاج من الإدمان ؛ هذا وأن الصيام يروض النفس و يدربها على الصبر و الحلم. والصيام يكون له دور واضح و كبير في إنماء الشخصية ، الرقي بالنفس و دفعها نحو التفكير و التدبر في الشؤون كلها بطريقة أفضل و أكثر إيجابية، مما ينعكس بالإيجاب على الصحة النفسية.
من جهة أخرى، لا يمكننا أن ننسى الحديث عن الفوائد البدنية للصيام، فإن كان الصيام يطهر النفس و يهذبها فهو أيضا يطهر الجسم من السموم، يقوي الجهاز المناعي، و يساعد في إصلاح الحمض النووي، و غيرها من الفوائد لقوله صلى الله عليه وسلم "صوموا تصحوا"، و لأن الصحة الجسدية و النفسية تؤثران على بعضهما البعض فإن الجسم السليم يحسن من الصحة النفسية و العكس الصحيح.
بهذا يكون شهر رمضان فرصة لكل شخص يبحث عن بعض الهدوء و الراحة النفسية، فأحسنوا استغلال هذا الشهر المبارك فيما يصلح حالكم و حال حياتكم اليومية.
و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
دمتم بألف خير و سلام.
Comments