top of page

التاريخ الروحاني: الحلقة الثالثة

ونستمر معا في السفر بين صفحات التاريخ الإسلامي نقلب واحدة ونفتح اخرى حيث تختلج المشاعر داخل صدورنا بين سعادة وفخر بما حققه قدماؤنا من مجد وبطولات لهذه الامة وبين حزن ويأس اسفين على حالنا اليوم واكتفائنا بالبكاء على الاطلال وتقليب صفحات التاريخ بشوق وانكسار ونتسائل عن حال الامة الان ومستقبلها ومتى سيستفقون لنصرة انفسهم وتجديد تاريخهم وفتحة صفحة جديدة بيضاء يكتب فيها الحاضرون ويتركون فيها بضعة سطور للاجيال القادمة يفتخرون بها .

ونحن نتحذث عن تاريخنا الاسلامي وما يحمله من مبادئ ومواقف وآثار هناك حزن اشد من حال الامة الان ألا هو هناك الألوف المؤلفة لم تطلع على هاد التاريخ يوما ولم تقرأ منه سطرا واحدا ولم تغترف من نهره شربة واحدة وهنا نقف حقا على حجم الضياع الذي نحن فيه .

ونذهب اليوم الى شبه الجزيرة الايبيرية بما عليه اسبانيا اليوم ونأخدكم في جولة قصيرة لتاريخ الاندلس وقبل الشروع في الحذيث على هذه الحقبة الزمنية المشعة والتي لا يكفيها حذيث واحد وانما ما نود الاشارة اليه ان الهدف من هذه الفقرة أ لا هو تشجيع القراء الصغار والكبار على اكتشاف تاريخهم وحثهم للإطلاع عليه فلا يمكن تلخيص فيما جاء بالكتب الكبيرة والمجلدات في بضع سطور وانما نجتهد كثيرا لاخد الاهم والابرز وما تبقى عليكم من الاجتهاد من اخد للمبادرة والاطلاع على التاريخ ككل برغبة جامحة .

كان الفتح الإسلامي لشبة الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) أمرا طبيعيا حسب الخطة التي اتبعها المسلمون أثناء فتوحاتهم وهي تأمين حدودهم ونشر دعوتهم، فبعد أن وصل تيار الفتح إلى شمال أفريقيا، وبعد أن أرسى موسى بن نصير ومن معه كلمة الإسلام في الشمال الإفريقي، كانت الخطوة التالية الطبيعية هي فتح الأندلس .

دخل الإسلام بلاد الأندلس من عام 92هـ واستمر حكم المسلمين بها إلى عام 897هـ وهي فترة طويلة شهدت أحيانًا قوة المسلمين وأحيانًا أخرى ضعف وتخاذل إلى أن سقط الحكم الإسلامي بتلك البلاد، وتعرف الأندلس بهذا الاسم نسبة إلي قبائل الفندال أو الوندال فسميت هذه البلاد بفانداليسيا ومع الأيام حُرّف إلى أندوليسيا فأندلس.

تعود فكرة فتح الأندلس إلى أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فقد فكر عقبة بن نافع سنة 63هـ في اجتياز المضيق إلى إسبانيا، ولكن التنفيذ الفعلي للفتح كان في زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، بعد أن نُوقِشَت خطة الفتح بينه وبين قائده على شمال إفريقيا موسى بن نصير .

بعد ذلك أرسل موسى بن نصير في عام 711م قوة عسكرية قوامها سبعة آلاف مقاتل بقيادة طارق بن زياد نائبه على طنجة.

وهنا سنكتشف شخصية طارق بن زياد الذي طالما سمعنا عنها وربما هناك من يعرفون تفاصيلها وربما هناك لا يعرفون عن سوى الاسم

وانها لمناسبة اليوم للتعريف عنها ولمنجزاتها :

كان طارق عسكريا ناجحا وقائدًا ممتازا، مخلصا للإسلام، متحمسا لنشره في بقاع الأرض؛ لذا بدأ طارق بالتجهز للعبور؛ فقام ببناء عدد كبير من السفن؛ ليتمكن من عبور المضيق الفاصل بين أفريقيا وأوروبا. عبر طارق بن زياد المضيق فنزل تجاه الجزيرة الخضراء، وسيطر على الجبل الذي حمل اسمه منذ ذلك الوقت الى الان، ثم تقدم حتى بلغ بحيرة خندة - غربي إسبانيا - وعلم بالحشود الضخمة التي حشدها لذريق ملك الأندلس، فطلب النجدة من موسى بن نصير، فأمده بخمسة آلاف جندي، والتقى الجيشان عند وادي لكة 92هـ= 711م وانتهت المعركة بانتصار المسلمين وتم القضاء على الجيش القوطي.

بعد ذلك توغل طارق بن زياد في البلاد ففتح قرطبة وطليطلة في أوائل عام 93هـ= 712م، ثم فتح شذونه والبيرة وغيرها من المدن؛ مما شجعه إلى أن يكتب إلى موسى بن نصير يخبره بما حققه من انتصارات، فشجع ذلك موسى بن نصير على العبور بنفسه إلى الأندلس في عام 712م، ففتح مدنا كثيرة مثل قرمونة وإشبيلية، وامتدت فتوحاته إلى برشلونة شرقًا وأربونا في الجوف وقادش في الجنوب، وجليقية في الشمال الغربي. يتضح من خلال هذا العرض التاريخي لفتح المسلمين لبلاد الأندلس، أن المسلمين أتموا فتح بلاد الأندلس ولم يتجاوز عددهم الثلاثين ألفًا، وكان المسلمون يقومون بهذا الفتح ويعرفون أن أعدادهم أقل بكثير من عدوهم، لكنهم كانوا يتفوقون على ذلك بالإيمان القوي المتدفق، وكانوا مستعدين لكل تضحية مهما عزت لنصرة الإسلام.

ومن الأمور المهمة التي يجب الإشارة إليها أيضا أن مهمة الفتح الإسلامي لا تنتهي أو تتوقف عند النصر الحربي، بل تبدأ بعده؛ وذلك ببيان الإسلام والدعوة إليه، وهي مهمة ما بعد الفتح على لسان الفاتحين وفي سلوكهم وتصرفهم.

وقد عاش الأندلس في ظل الحكم الإسلامي فترات من القوة، وفترات أخرى من الضعف.

عصور القوة في تاريخ الأندلس


1- فترة القوة في عهد الولاة


2- عهد الإمارة الأموية


3- عهد الخلافة الأموية


4- الدولة العامرية أو عصر سيطرة الوزراء


5- دولة المرابطين


6- دولة الموحدين


بعدما تعرفنا على الفتوحات الاولية وبداية ارساء الحكم الاسلامي بالاندلس و وضعنا عوارض توضح فترات القوة في هذا العهد سنمر اخيرا الى اهم نقطة وهو التاريخ المشترك بين المغرب والاندلس ويعود بنا ذلك زهاء ايام الحكم المرابطي وقد كنا تطرقنا لهذه المسألة في حلقة سابقة من تاريخ المغرب ولابأس ان نذكر به ونختم به فصلا من فصول تاريخنا الطويل والممتد لقرون كثيرة وندعوكم مرة اخرى للاطلاع عليه :

من المرابطون؟ من هؤلاء الذين يهدد بهم ابن عباد ألفونسو؟

المرابطون هم دولة اسلامية مغربية انبثقت من حركة دعوية اصلاحية، وأشهر قبائلها لمتونه وجدالة ولمطة، ومن لمتونه كان أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، وتوجهوا مع طارق بن زياد إلى طنجة، لكنهم أحبوا الانفراد فدخلوا الصحراء بالمغرب الأقصى واستوطنوها .

وفي سنة 448هـ حدث بينهم انبعاث ديني، وانبثق فيهم من يدعو إلى الجهاد في سبيل الله، وتسمى هؤلاء بالمرابطين، وقد تغلب هؤلاء المرابطون على المنطقة كلها من الجزائر إلى السنغال، وكانوا رجالا من طابع طارق وأصحابه لا تنقصهم الشجاعة والشهامة، وفي سنة 462هـ أمر المرابطين إلى يوسف بن تاشفين وكان رجلا تقيا حازمًا، فمد فتوحه في المغرب الأفريقي حتى دان له جميعه، واختط مدينة مراكش تحت جبال المصامدة، الذين هم أشد أهل المغرب قوة، فكانت مراكش عاصمة لدولة المرابطين ثم ملك سبته وطنجة وأصبح بذلك مطلا على جنوب الأندلس، ودولته هي أقوى دولة بالمغرب ومن ثم استنجد به أهل الأندلس .

وافق  يوسف بن تاشفين على تقديم المساعدة لأهل الأندلس واشترط أن يُمنَح الجزيرة الخضراء لتكون مركزًا لانطلاق جيوشه، بعد ذلك عبر يوسف بن تاشفين بجيوشه مضيق جبل طارق ونزل في الجزيرة الخضراء فنظم شؤونها وحصنها، ثم تابع تقدمه باتجاه إشبيلية.

كان ألفونسو السادس آنذاك يحاصر مدينة سرقسطة، وحينما علم بأنباء الزحف الإسلامي، رفع الحصار عنها وأسرع بجيوشه نحو جيوش المسلمين من المغاربة والأندلسيين، فالتقى بهم في شمال شرقي بطليوس عند سهل الزلاقة، وهناك دارت بين الطرفين معركة طاحنة في شهر رجب 479هـ أكتوبر عام 1086م، هزم فيها ألفونسو هزيمة شنعاء وجرح في المعركة واضطر إلى التراجع باتجاه الشمال تاركيا إقليم بلنسية فالونسيا حاليا

والحقيقة أن انتصار المسلمين في الزلاقة كان له آثار كبيرة حيث أنقذ العالم الإسلامي في الأندلس من السقوط في يد النصارى، كما ثبت أقدام المرابطين فيها .

نهاية نستحضر لكم عوارض نهاية قصة حكم الاندلس وعصور تشتتها وضعفها :

1- عهد الولاة


2- مرحلة التدهور في عهد الإمارة الأموية


3- مرحلة التدهور في الدولة العامرية


4- نهاية حكم الأمويين بالأندلس


5- عصر ملوك الطوائف


6- فترة الضعف في أواخر دولة المرابطين


7- فترة الضعف في أواخر دولة الموحدين


8- دولة بني الأحمر في مملكة غرناطة


9- حركة إزالة العالم الإسلامي وسقوط غرناطة عام 1492 وبداية طرد المسلمين واليهود من شبه الجزيرة الايبيرية .

6 views0 comments
Post: Blog2 Post
bottom of page