عموما صوم شهر رمضان له منافع جمة على الصحة النفسية و العقلية كون الصوم، خاصة صوم رمضان، نشاط يقوي الجهاز المناعي النفسي و يساعد على إراحة العقل و تحسين حالته، غير أن الصون قد يعود سلبا على الأشخاص ذوي الأمراض العقلية و النفسية.
الحديث حول العلاقة بين الأمراض النفسية و العقلية و صوم رمضان يدعو إلى الحديث أولا حول الفرق بين المرض النفسي و المرض العقلي. فصحيح أن التمييز بين كل منهما ليس بالأمر الهين كون كل منها يؤثر على الآخر، فالمرض النفسي قد ينتج عن مرض عقلي و المرض العقلي قد ينتج عن مرض نفسي لكن التفريق بينهما أمر مهم جدا؛ حيث يميز بعض المتخصصين بين كل منهما، على أساس أن الأمراض النفسية منشؤها وظيفي أما الأمراض العقلية فمنشؤها خلل في الجهاز العصبي المركزي.
يعد المرض النفسي خللا في الصحة النفسية أو العاطفية لشخص ما، اضطرابا وجدانيا مرتبطا بالمزاج و المشاعر، ويصعب تشخيصه إلا على يد طبيب مختص غير أن له علامات تدل عليه و تنذر بوجود تغيير في الحالة النفسية للشخص، وعلى الرغم من ذلك التغيير إلا أن المريض يظل مرتبطا بالواقع ويعي جيدا بمرضه وبحاجته للعلاج، و غالبا ما غالبا ما يكون ناتجا عن التوتر والضغط الذي يتعرض له شخص ما إلى حد لا يمكنه التحمل بعده، وبالتالي فالمرض النفسي مرحلي ولا يحدث فجأة وبالتالي تظهر احتمالات قوية لتراكم هذه الأزمات لبعض الوقت، وعلى نفس المنوال تكون عملية الشفاء تدريجية وعلى أكثر من نطاق، ومن المهم لنجاحها السعي للحصول على تشخيص احترافي بأسرع ما يمكن بعد ظهور أعراض المرض النفسي وعلاماته.
أما المرض العقلي فهو جملة من الأفكار والمعتقدات الوهمية والهلوسة السمعية والبصرية والبارانويا التي تصل تؤدي بصاحبها إلى عدم الإدراك العاطفي والسلوكي بسلوكياته وعواطفه ومشاعر غيره و الجنون أحيانا، ليصل إلى نوبات من الانهيار الذهاني المفاجئ، و ذلك نتيجة خلل، اضطرابات أو عطل في خلايا أو كيمياء المخ، وفي هذه الحالة يكون مرضا عقليا "أوليا" في حين أنه يمكن أن يكون المرض العقلي تابعا أو ثانويا، بمعنى أن يكون ناتجا عن مرض عضوي يؤثر على خلايا المخ فيصيبه بمرض عقلي مثل الكبد أو السرطان.
و يبقى السؤال المطروح هو هل يمكن المريض النفسي و المريض العقلي الصوم؟
عموما يمكن للمريض النفسي أن يصوم ما دامت حالته النفسية مستقرة و تغيير مواعيد أخذ الأدوية، إن كان يأخذها طبعا، لن يؤثر سلبا على حالته النفسية، أما بالنسبة للمريض العقلي فالأمر أكثر تعقيدا و يستلزم تقبله الصوم أولا ثم التحقق من تأثيره عليه و على حالته المرضية.
و في جميع الأحوال الطبيب المختص هو وحده القادر عن الحديث عن قابلية الصوم لكل من المريض النفسي و المريض العقلي كون كل حالة تختلف عن أخرى مهما كان التشابه بينهما.
Comments