top of page

مارلبورو.. من الأنوثة للرجولة.

هاجر اعزة

غالبا ستكون قد صادفت هذه الصوة من قبل. صورة راعي البقر هذا وهو يمتطي الخيل، منطلقاً في التضاريس البرية، وتتدلى من فمه سيجارة مارلبورو. إنه رجل مالبورو في واحدة من أضخم الحملات الدعائية التي عرفها العالم. لكن، ما حكاية المارلبورو هذه، التي كانت موجهة للنساء بالأساس...؟

في البداية، لم تكن شركة مارلبورو بالشهرة التي تعرفها اليوم. فقد كان مجرد متجر صغير لبيع السجائر، لكن هذا المشروع لم ينجح، نظرا لسعر هذه السجائر الذي كان مرتفعاً. اضطر، صاحبه، والذي كان يدعى فيليب بوريس، إلى استيراد سجائر أجنبية ليبدأ بعد ذلك بصنع سجائره الخاصة. وبعد سنوات قليلة، توفي بوريس ليكمل ورثته حكاية مارلبورو...

السيجارة الأولى للشركة، بعد تسميتها، كانت مخصصة للنساء فقط والتي جاءت لتعزز تلك النظرة النمطية التي رسمت صورة للمرأة العصرية شديدة الجمال والأناقة والتي تنفث دخان سيجارتها بثقة وسعادة غامرة. وقد جاء ذلك في خضم حملة للترويج لمساحيق التجميل التي تستخدمها النساء طبعا بالإضافة لطرق العناية بالشفاه...

لكن السؤال، هو كيف تحولت هذه السيجارة من رمز للأنوثة والأناقة. إلى رمز للقوة والشهامة؟

دوافع متعددة قادت مارلبورو لتغيير سياستها التسويقية. فقد كانت الشركة تتنافس رفقة ثلاث شركات أخرى لتتربع على عرش شركة التبغ الأولى عالمياً. هذا في الوقت الذي كانت تعرف فيه هذه الشركات حملة صحية شرسة. تحذٍّر من مخاطر التدخين وأخطاره.

ويضاف إلى ذلك، السياق التاريخي الذي كانت تعرفه تلك المرحلة. حيث جاء ذلك في خضم الحرب الباردة، صُوِّر الرجل الأمريكي باعتباره رجلا قويا شهما، يرعى البقر ولا يستطيع أي شيء هزيمته. ما جعل شباب أمريكا يقبلون على هذه السجائر. في وقت كان موسوماً بالتمرد، تمرد الشباب على الأجيال التي سبقتهم، وتمرًّد الأبناء على آبائهم، هذا ما ظهر جليا في الثقافة الأمريكية، ومنه إلى العالم فيما بعد لتمثل صورة "الكاو بوي" النموذج الأمثل لذلك. من بين ترشيحات كثيرة. فقد أُقترح الجندي، وقبطان البحر وعامل البناء. وإذا لاحظنا، فكل هذه الشخصيات ترتبط بالفحولة والرجولة. وهي السمة المميزة لرجل مارلبورو.

وبذلك، فقد استطاعت مارلبورو الوصول إلى جميع المنازل من خلال أعقابها مع الأسف. محدثة نقلة نوعية في علاقة الإنسان، ومساهمة في انتشاره. لتصبح بذلك مالبورو، الشركة الأكثر مبيعا في عالم التبغ منذ سنة 1971 حتى يومنا هذا. وذلك كله بسبب خطة دعائية ناجعة ومحكمة!

6 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments


Post: Blog2 Post
bottom of page