اللوحة الغامضة، صراعُ العصور في عالمٍ موازٍ
- Othmane El jadid
- 15 يوليو
- 2 دقيقة قراءة
في رحلة لم يخطِّط لها بيلْ، ذلك الشاب البسيط ذو الشعر الأشعث، بنظرات واسعة، قليلُ الكلامِ والأصدقاء، يعيش وحيدًا، لكنَّ عالمه الخاص مليءٌ بالأرقام والمعادلات، بذكائه الحاد يجد في الرياضيات رفيقاً دائماً ومصدراً لا ينضب للفضول. بعد انتهائه من العمل في خدمة التوصيل، عاد إلى منزله منهكاً لِيجدَ طرداً غريباً قد وُضع على عتبة بابه يحمل اسمَه الكامل.
بعد غفوة تأَمُّلِيَّةٍ وتساؤلات سريعة، قرَّرَ الجلوس فَفَتحَ الطرد، لمْ يجد سوى لوحة قديمة مُغَطَّاة بالكامل برموزٍ غريبة. كانت تلك الرموز تتراقص أمام عينيه وكأنها تحملُ سرًّا مدفوناً ينتظرُ مَن يكتشفه، شَعَرَ بيلْ بقشعريرة تَسري في جسده، لمْ تكن اللوحة مجرَّد قطعة فنية عادية، كان هناك شيءٌ ما يَشي بأنها تحمل قوة خفيَّةً أو رُبما بوابةً لِعالم آخر، بدأتِ الرموز الغريبة بالتوهج، شَعر بيل بدوارٍ شديد وكأن الغرفة تدور مِن حوله، لمْ يستطعْ أن يُبعد عينيه عن اللوحةِ، فقدْ كانت تسحبه نحوها بِقوَّةٍ لا تُقاوَمْ، لمْ يجد بيلْ وقتاً لِيُفكّر أو حتى ليصرخ، وفي لحظةٍ خاطفةٍ بدأتْ رحلتُه الغريبةُ، لم يكن هناك ألمٌ بلْ شعور غريب بالخِفَّةِ وكأنه يسبح في بحر من النجوم.
أُلقِيَ بيلْ إلى عالم مُوازٍ غريب، وجد نفسَه بسوق صاخب بملامحِ العصور القديمةِ، لكنَّ سكانَهُ يتحدثون عن "خواريزميات الزمن" و"بروتوكولات الذاكرة الكونِيَّة" و"تعديلات الأبعاد" بطلاقةٍ وكأنها أمورٌ يوميةٌ. رأى بيلْ عربةً تَجرُّها خيولٌ، لكنها مُزوَّدةٌ بألواحٍ شمسيةٍ صغيرة ومؤشرات رقمية معقدة، ونساء يَغزِلنَ الصّوف بآلاتٍ تبدو وكأنها تعملُ بالطاقة الكهروميغناطيسية. بينما كان يحاولُ استيعاب هذا التناقض، اقترب منه رجلٌ ذو لحيةٍ بيضاءَ طويلة، وعينينِ حادَّتين، يرتدي عباءةً بسيطةً لكنها تبدو منسوجةً بخيوط متوهجة،
تحدَّث الرجل بصوتٍ هادئ وعميق، "لقدْ وصلتَ أخيراً يا حاملَ اللوحةِ، عرفتُ أنكَ ستأتي. نحنُ الحُكماءُ الزَّمَنِيّون وقدْ توقعنا قدومَك من خلال تحليلاتنا الفلكية المعقدةِ، ومصْفوفاتنا القديمة".
نظر بيلْ بدهشةٍ وحيرة من حوله، فقال: "ولكن ما هذا المكان؟ ومَن أنتم؟"
أجابه الرجل في هدوءٍ تام: "نحن نعيش في زمن قديم حيث الحكمة العتيقة تلتقي بالبصيرة المستقبلية، مشكلتنا تكمنُ في "الصَّدعِ الأبدي" وهو شقٌّ في نسيج الزمان و المكان، بدأ يتسعُ ويُهدِّدُ بابتلاع تاريخنا ومستقبلنا على حدِّ سواء".
أشارَ الحكيم إلى شقٍّ أسوَدَ يظهرُ في السماء البعيدة يُشبهُ جُرحاً في الكون،
قائلاً: "مُهمتكَ يا بيلْ ليست سهلة، عليكَ أنْ تستخدم طاقةَ اللوحة لِدمجِ عوالمِ الفهمِ هذه -العتيقة والحد�
بقلم نهيلة البريني
تعليقات