top of page
بحث

العربة 19

تذكرون المحطة سبق أن وصفتها منذ زمن بعيد في إحدى كتاباتي أذكر جيدا أنه كان يستولي عليها انكسار لازال يصلني صداه. وصفت قطارا دون أن أعد عدد العربات كما وصفت الكرسي الذي رافقني طيلة الرحلة كان تابتا، ودعته حينما رحلت، لوحت له بيداي مع شعور شوق لحظي طغى عليه ما كنت اشتاق إليه كثيرا آن ذاك و كراسي أخرى جلست فوقها لا أعلم عددها كم سيكون في الآخر لكن أفضل أن أصفها بالمفرد فلطالما كان الكرسي نفسه في عربات و محطات مختلفة بما أنني أمتطي نفس القطار .

أعلم جيدا و لا أشك في ذلك أن المقصود من القطار ، المحطة ، العربات و الكرسي لم يفهم بعد لكم، أيقن أنكم تخالونها لوحة فنية أو شيئا من هذا القبيل، لكن في الحقيقة لا ، لم تصيبوا التخمين أو ربما لم تفهموا المقصد كما هو بالنسبة لي و لا أملك الجرأة للاعتراف، لا أريد أن أبوح بذلك سريعا لأنني و ببساطة لازلت سأكتب الكثير من هذا و سؤدلي بالكثير من تفاصيل حتى تعلموا عن ماذا أتحدث كما لو أن لغزا هزيلا قد حُلَّ أخيرا بعد الكثير من الجهد بينما الإجابة في السطر الأول من تفاصيل الكتابة .

في العربة التاسعة عشر ، كان مكتوبا على لوحتها الخلفية هذا الرقم علمت حينها في السابع من سبتمبر الماضي انها عربتي و مكاني في هذه الرحلة سيكون في العربة التاسعة عشر، اما الآن و انا امضي إلى العشرين اردت فقط أن اصف بشجن و حب ما رأيت .

على ذكر الشجن و الحب هاتين الكلمتين أفضل ان تكونا عنوانا أو بالأحرى خلاصة للأحاسيس التي غمرتني طيلة الرحلة .

لا اعلم من أين أبدأ ليس لأنني مبعثرة أو شيء من هذا القبيل فقط مقلتاي امتلأت بالدموع مما جعل رؤيتي غير واضحة و لا تعلم اناملي بما تخط فوق السطر . مرَّ الكثير انفطر قلبي عدة مرات بتتالي حتى احسست بشظاياه تسقط و لأول مرة يعتلي ملامحي الشجن بهذا الحد .

في العربة التاسعة عشر حينما وطأت قدماي لأول مرة كنت سعيدة تغمرني الغبطة لا أنا بناسية آلامي في العربة السابقة و لا أنا بنادمة على ما تعلمت لكن عموما كنت سعيدة ، حدقت بالمكان لم ألاحظ أي تغيير في الشكل؛ النافدة نفسها و الزخرفة نفسها كذلك .

جلست فوق الكرسي باستغراب، لم يكن هناك أحد، سكون مميت قاتل لكلماتي حتى عجزت عن وصفه، أين الآخرون ؟ أين من وعدوني بالبقاء و إكمال السير سويا ؟ لما هذا السكون و الصمت ؟

لوحدي بقيت أصارع أنفاسي و أنا من اعتدت على الوحدة ، لكن حينما كرهتها لم أخل نفسي وحيدة دونهم ، دون أحلامي ، هبتي و كل أسمائي و من أكون . لم تتوقف كتابتي هنا لازلت سأكمل السرد لكن في كتابة أخرى سيبدو الأمر مختلفا. لطالما أيقنت أن القطار معناه يحتاج لبئر من الكلمات و حبر يكفي لكتابة دهر دون توقف ، لذلك سأتوقف هنا و نلتقي بعد حين في العربة نفسها مع صاحب السيجارة و العجوز .

 
 
 

تعليقات


Post: Blog2 Post

نموذج الاشتراك

شكرا للتقديم!

© 2020 مجلة الكتاب المغاربة. تم إنشاؤه بفخر مع Wix.com

bottom of page