بين ريتا ومحمود درويش قصّة حبّ وأشياء أخرى فلا بندقيّة كانت لتقتل ما كان بينهما من عواطف أو من عواصف .. فلا بداية حبهم أرخت، لكن نهايتها شُهدت تنموا المشاعر إذا وجدت مناخا للبقاء، وتنتهي في لحظة يقرر فيها الشخص أن يتخذ قرارا مصيريا، بانتهاء علاقة حبه، يفصل الفراق بين العاشقين، لكن الغرام لا يموت في القلب، يتحول إلى عطر ساحر يمتزج بشدة بالحنين، وتصبح الذكريات هي الشاهدة على الوجد الذي لا ينتهي،هكذا هو كان الحال مع العاشق البائس الفلسطيني محمد درويش،و صاحبة العينين العسليتين ،ريتا أو بالأحرى تمارا، التي كان لها نصيب في أشعار العظيم محمد درويش. تيم الفلسطني درويش بريتا الإسرائيلية،حب دفع فيه القلب إلى حافة الوطن، فاستوطنت هي و أهلها أراضي أجداده، ليحمل على عاتقه كلمة "لاجئ"،متجها إلى لبنان،فكتب إليها "وإني أُحبكَ رغم أنف قبيلتي ومدينتي وسلاسل العادات، لكني أخشى إذا بِعتُ الجميعَ تبيعَني فأعودُ بالخيباتِ".. و بعد فترات زاد فيها وثائق الحب بينهما.ولما علم بعملها مع المخابرات الاسرائيلية ،كتب :"شعرت بأن وطني احتل مرة أخرى" و الحب الذي جمع قلبيهما في حرب قبلية عرقية،هي ذاتها فرقت بينهما،حرب يونيو،عندما اتخدت ريتا مجرى لمستقبلها، والتحقت بالجيش الإسرائيلي و آثرت حمل البندقية على كتفيها،و التضحية فداء وطنها لا من أجل حبها،و الشاعر الفلسطيني اختار بدوره الدفاع عن شرف وطنه بعد أن اعتقل في أحد السجون الاسرائلية و لمح معشوقته تحمل البندقية،أو بالكاد كانت هي،فالحقد أخفى ملامحها و محى ابتسامتها،ليكتب محمد درويش قصيدة ريتا والبندقية: بين ريتا وعيوني... بندقيَّة والذي يعرف ريتا , ينحني ويصلي لإلهٍ في العيون العسليَّة ! ..وأنا قبَّلت ريتا عندما كانت صغيره عندما كانت صغيره وأنا أذكر كيف التصقتْ بي, وغَطَّتْ ساعدي أحلى ضفيرة وأنا أذكر ريتا مثلما يذكر عصفورٌ غديرَهْ آه.. ريتا بيننا مليون عصفور وصوره ومواعيدُ كثيرة أطلقتْ ناراً عليها.. بندقيَّة اسم ريتا كان عيداً في فمي جسم ريتا كان عرساً في دمي وأنا ضعت بريتا ... سنتَينِ. وتعاهدنا على أجمل كأس , واحترقنا في نبيذ الشفتين وولدنا مرتين ! آه.. ريتا أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ سوى إغفاءتين وغيوم عسليّة قبل هذي البندقيَّة! كان يا ما كان يا صمت العشيّة قمري هاجَر في الصبح بعيداً في العيون العسلَيّة والمدينة كنست كل المغنين, وريتا بين وعيوني.. بندقيّة ولم تكن ريتا حظه الوحيد بل كان بعدها،تجربتين أخريتان لمحمد درويش،لكن ريتا هي الفتاة الاسرائلية التي توسدت قلب الفتى الفلسطيني. لكن كتب معاتبا:ربما لم يكن شيئا مهما بالنسبة لك لكنه كان قلبي كانت القضية الفلسطينية قدراً مكدوراً تحمّل شاعرها محمود درويش، الذي تحل ذكرى رحيله اليوم 9 أغسطس، عاصر التحولات الدرامية الكبرى لوقائع القضية الفلسطينية منذ الصغر على نحو مغاير، فترسخت في وجدانه، بعدما تسربت إلى طفولته المبكرة معاني الحرب، والمطاردة، والحدود، والعودة، والوطن. وهي معانٍ شكّلت بداخله مفهوماً خاصاً للقضية الفلسطينية، فاستحق أن يصير كما وصف "شاهد المذبحة وشهيد الخريطة"، ويُمسي لسان حال الغالبية العظمى لشعب لا يزال يعاني تحت وطأة الشتات، لتشكّل نصوصه ملامح الهوية الثقافية لفلسطين شعرياً وإنسانياً.
top of page
bottom of page
Comments